فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري:

{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أنك سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)}:
أي لما رأى كرامة الله سبحانه معها ازداد يقينًا على يقين، ورجاء على رجاء؛ فسأل الوَلَدَ على كبر سِنِّه، وإجابتُه إلى ذلك كان نقضًا للعادة.
ويقال إن زكريا عليه السلام سأل الوَلَدَ ليكونَ عونًا له على الطاعة، ووارثًا من نَسْلِه في النبوة، ليكون قائمًا بحقِّ الله، فلذلك استحق الإجابة؛ فإن السؤال إذا كان لحقِّ الحقِّ- لا لحظِّ النَّفْسِ- لا يكون له الرد.
وكان زكريا عليه السلام يرى الفاكهة الصيفية عند مريم في الشتاء، وفاكهة الشتاء عندها في الصيف، فسأل الولد في حال الكِبَر ليكون آية ومعجزة. اهـ.

.من فوائد الفخر:

إن دعاء الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لا يكون إلا بعد الإذن، لاحتمال أن لا تكون الإجابة مصلحة، فحينئذ تصير دعوته مردودة، وذلك نقصان في منصب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، هكذا قاله المتكلمون، وعندي فيه بحث، وذلك لأنه تعالى لما أذن في الدعاء مطلقًا، وبين أنه تارة يجيب وأخرى لا يجيب، فللرسول أن يدعو كلما شاء وأراد مما لا يكون معصية، ثم أنه تعالى تارة يجيب وأخرى لا يجيب، وذلك لا يكون نقصانًا بمنصب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم على باب رحمة الله تعالى سائلون فإن أجابهم فبفضله وإحسانه وإن لم يجبهم فمن المخلوق حتى يكون له منصب على باب الخالق. اهـ.

.من فوائد الألوسي:

قال رحمه الله:
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} قصة مستقلة سيقت في أثناء قصة مريم لكمال الارتباط مع ما في إيرادها من تقرير ما سيقت له، و(هنا) ظرف مكان، واللام للبعد، والكاف للخطاب أي في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم في المحراب، وهي ظرف ملازم للظرفية وقد تجر بمن وإلى؛ وجوز أن يراد بها الزمان مجازًا فإن (هنا) وثم وحيث كثيرًا ما تستعار له وهي متعلقة بدعا وتقديم الظرف للإيذان بأنه أقبل على الدعاء من غير تأخير، وقال الزجاج: إن (هنا) هنا مستعارة للجهة والحال أي من تلك الحال دعا زكريا كما تقول: من هاهنا قلت كذا، ومن هنالك قلت كذا أي من ذلك الوجه وتلك الجهة.
أخرج ابن بشر وابن عساكر عن الحسن قال: لما وجد زكريا عند مريم ثمر الشتاء في الصيف وثمر الصيف في الشتاء يأتيها به جبريل قال لها: أنى لك هذا في غير حينه. قالت: هو رزق من عند الله يأتيني به الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فطمع زكريا في الولد فقال: إن الذي أتى مريم بهذه الفاكهة في غير حينها لقادر على أن يصلح لي زوجتي ويهب لي منها ولدًا فعند ذلك دعا ربه وذلك لثلاث ليال بقين من المحرم قام زكريا فاغتسل ثم ابتهل في الدعاء إلى الله تعالى، وقيل: أطمعه في الولد فدعا مع أنه كان شيخًا فانيًا وكانت امرأته عاقرًا لما أن الحال نبهته على جواز ولادة العاقر من الشيخ من وجوه.
الأول: ما أشار إليه الأثر من حيث إن الولد بمنزلة الثمر والعقر بمنزلة غير أوانه، والثاني: أنه لما رأى تقبل أنثى مكان الذكر تنبه لأنه يجوز أن يقوم الشيخ مقام الشاب والعاقر مقام الناتج، والثالث: أنه لما رأى تقبل الطفل مقام الكبير للتحرير تنبه لذلك.
والرابع: أنه لما رأى تكلم مريم في غير أوانه تنبه لجواز أن تلد امرأته في غير أوانه، والخامس: أنه لما سمع من مريم {إنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37] تنبه لجواز أن تلد من غير استعداد؛ ولا يخفى ما في بعض هذه الوجوه من الخدش، وعلى العلات ليس ما رأى فقط علة موجبة للإقبال على الدعاء بل كان جزءًا من العلة التامة التي من جملتها كبر سنه عليه السلام وضعف قواه وخوف مواليه حسبما فصل في سورة مريم.
{قَالَ} شرح للدعاء وبيان لكيفيته {رَبّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ} الجاران متعلقان بما قبلهما وجاز لاختلاف المعنى، و{مِنْ} لابتداء الغاية مجازًا أي أعطني من عندك {ذُرّيَّةً طَيّبَةً} أي مباركة كما قال السدي، وقيل: صالحة تقية نقية العمل، ويجوز أن يتعلق الجار الأخير بمحذوف وقع حالًا من ذرية، وجاء الطلب بلفظ الهبة لأن الهبة إحسان محض ليس في مقابلة شيء وهو يناسب ما لا دخل فيه للوالد لكبر سنه ولا للوالدة لكونها عاقرة لا تلد فكأنه قال: أعطني ذرية من غير وسط معتاد، والذرية في المشهور النسل تقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى.
والمراد هاهنا ولد واحد؛ قال الفراء: وأنث الطيبة لتأنيث لفظ الذرية والتأنيث والتذكير تارة يجيئان على اللفظ وأخرى على المعنى وهذا في أسماء الأجناس كما في قوله:
أبوك خليفة ولدته أخرى ** وأنت خليفة ذاك الكمال

بخلاف الأعلام فإنه لا يجوز أن يقال: جاءت طلحة لأن اسم العلم لا يفيد إلا ذلك الشخص فإذا كان مذكرًا لم يجز فيه إلا التذكير.
{إِنَّكَ سَمِيعُ الدعاء} أراد كثير الإجابة لمن يدعوك من خلقك وهو تعليل لما قبله وتحريك لسلسلة الإجابة، وفي ذلك اقتداء بجده الأعلى إبراهيم عليه السلام إذ قال: {الحمد للَّهِ الذي وَهَبَ لِى عَلَى الكبر إسماعيل وإسحاق إِنَّ رَبّى لَسَمِيعُ الدعاء} [إبراهيم: 39] قيل: قد ذكر الله تعالى في كيفية دعائه ثلاث صيغ. إحداها: هذه والثانية: {إِنّى وَهَنَ العظم مِنّى} [مريم: 4] الخ، والثالثة: {رَبّ لاَ تَذَرْنِى فَرْدًا} [الأنبياء: 89] الخ، فدل على أن الدعاء تكرر منه ثلاث مرات كل مرة بصيغة، ويدل على أن بين الدعاء والإجابة زمانًا، ويصرح به ما نقل في بعض الآثار أن بينهما أربعين سنة، وفيه منع ظاهر لجواز أن تكون الصيغ الثلاث حكاية لدعاء واحد مرة على سبيل الإيجاز، وتارة على سبيل الإسهاب، وأخرى على سبيل التوسط، وهذه الحكاية في هذه الضيع إنما هي بالمعنى إذ لم يكن لسانهم عربيًا؛ ولهذا ورد عن الحسن أنه عليه السلام حين دعا قال: يا رازق مريم ثمار الصيف في الشتاء وثمار الشتاء في الصيف {هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً} ولم يذكر في الدعاء يا رب قيل: ويدل على أنه دعاء واحد متعقب بالتبشير العطف بالفاء في قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الملائكة} وفي قوله سبحانه: {فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى} [الأنبياء: 90] وظاهر قوله جل شأنه في مريم: {إِنَّا نُبَشّرُكَ} [مريم: 7] اعتقاب التبشير الدعاء لا تأخره عنه، وأثر إن بين الدعاء والإجابة أربعين سنة لم نجد له أثرًا في الصحاح، نعم ربما يشعر بعض الأخبار الموقوفة أن بين الولادة والتبشير مدة كما سنشير إلى ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى. اهـ.

.من فوائد الشعراوي:

قال رحمه الله:
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أنك سَمِيعُ الدُّعَاءِ}.
إنها ساعة أن قالت له: إن الرزق من عند الله، وأنه الحق الذي يرزق من يشاء بغير حساب، هنا أيقظت فيه القضية الإيمانية فجاءت أمنيته إلى بؤرة الشعور، فقال زكريا لنفسه: فلنطلب من ربنا أن يرزقنا ما نرجوه لأنفسنا، وما دام قد قال هذا القول فلابد أنه قد صدق مريم في قضيتها، بأن هذا الرزق الذي يأتيها هو من عند الله، ودليل آخر في التصديق، هو أنه لابد وقد رأى أن الألوان المتعددة من الرزق التي توجد عند مريم ليست في بيئته، أو ليست في أوانها؛ وكل ذلك في المحراب.
ونحن نعرف أن المحراب كلمة يراد بها بيت العبادة. يقول الحق: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].
أو المحراب وهو مكان الإمام في المسجد، أو هو حجرة يصعد إليها بسلم، كالمبلغات التي تقام في بعض المساجد. وما دامت مريم قد أخبرت زكريا وهي في المحراب بأن الرزق من عند الله، وأيقظت بذلك تلك القضية الإيمانية في بؤرة شعوره، فماذا يكون تصرفه؟ هنا دعا زكريا أثناء وجوده في المحراب.
{رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أنك سَمِيعُ الدُّعَاءِ} أنه هنا يطلب الولد. ولكن لابد لنا أن نلاحظ ما يلي:
هل كان طلبه للولد لما يطلبه الناس العاديون من أن يكون زينة للحياة أو عزوة أو ذكرا؟ لا، أنه يطلب الذرية الطيبة، وذكر زكريا الذرية الطيبة تفيد معرفته أن هنالك ذرية غير طيبة. وفي قول زكريا الذي أورده الحق: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: 6].
أي أن يكون دعاء لإرث النبوة وإرث المناهج وإرث القيم، هكذا طلب زكريا الولد. لقد طلبه لمهام كبيرة، وقول زكريا: {رب هب} تعني أنه استعطاء شيء بلا مقابل، أنه يعترف. أنا ليس لي المؤهلات التي تجعل لي ولدا؛ لأني كبير السن وامرأتي عاقر، إذن فعطاؤك يارب لي هو هبة وليس حقا، وحتى الذي يملك الاستعداد لا يكون هذا الأمر حقا له، فلابد أن يعرف أن عطاء الله له يظل هبة، فإياك أن تظن أن اكتمال الأسباب والشباب هي التي تعطي الذرية، إن الحق سبحانه ينبهنا ألاّ نقع في خديعة وغش أنفسنا بالأسباب.
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا أنه عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49- 50].
إن في ذلك لفتا واضحا وتحذيرًا محددًا ألا نفتتن بالأسباب، إذن فلكل عطاء من الله هو هبة، والأسباب لا تعطي أحدا ما يريد.
إن زكريا يقول: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ} وساعة أن تقول من: {لدنك} فهو يعني هب لي من وراء أسبابك. لماذا؟ لأن الكل من الله.
ولكن هناك فرقا بين عطاء الله بسبب، كأن يذهب إنسان ليتعلم العلم ويمكث عشرين عاما ليتعلم، وهناك إنسان يفيض الله عليه بموهبة ما، ولذلك يقول أهل الإشراقات: أنه علم لدنى، أي من غير تعب، وساعة أن نسمع من لدن أي انعزلت الأسباب، كان دعاء زكريا هو {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ} وكلمة {هب} توضح ما جاء في سورة مريم من قول زكريا: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} [مريم: 8].
إن {هب} هي التي توضح لنا هذه المعاني؛ هذا كان دعاء زكريا: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أنك سَمِيعُ الدُّعَاءِ} فهل المراد أن يسمع الله الدعاء؟ أم أن يجيب الله الدعاء؟ أنه يضع كل أمله في الله، وكأنه يقول: أنك يارب من فور أن تسمعني ستجيبني إلى طلبي بطلاقة قدرتك. لماذا؟ لأنك يارب تعلم صدق نيتي في أنني أريد الغلام لا لشيء من أمور كقرة العين، والذكر، والعز، وغيرها، إنما أريد الولد ليكون وارثا لي في حمل منهجك في الأرض، وبعد ذلك يقول الحق: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}. اهـ.

.تفسير الآية رقم (39):

قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ الله وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان الله سبحانه وتعالى عند ظن عبده به سمع دعاءه كما قال: {فنادته} أي فتسبب عن دعائه وحسن رجائه أن نادته {الملائكة} يعني هذا النوع، لا كلهم بل ناداه البعض، وكان متهيئًا بما آتاه الله سبحانه وتعالى من المفضل لمناداة الكل، كما هو شأن أهل الكمال من الرسل {وهو قائم يصلي في المحراب} وهو موضع محاربة العابد للشيطان، وهو أشرف الأماكن لذلك.
قال الحرالي: فيه إشعار بسرعة إجابته ولزومه معتكفه وقنوته في قيامه وأن الغالب على صلاته القيام لأن الصلاة قيام، وسجود يقابله، وركوع متوسط، فذكرت صلاته بالقيام إشعارًا بأن حكم القيام غالب عليها- انتهى.
ثم استأنف في قراءة حمزة وابن عامر بالكسر لجواب من كأنه قال: بأي شيء نادته الملائكة؟ قوله: {أن الله يبشرك} قال الحرالي: فذكر الاسم الأعظم المحيط معناه بجميع معاني الأسماء، ولم يقل إن ربك لما كان أمر إجابته من وراء الحكمة العادية؛ وفي قوله: {بيحيى} مسمى بصيغة الدوام- مع أنه كما قيل: قتل- إشعار بوفاء حقيقة الروحانية الحياتية فيه دائمًا، لا يطرقه طارق موت الظاهر حيث قتل شهيدًا- انتهى.
{مصدقًا بكلمة} أي نبي خلق بالكلمة لا بالمعالجة العادية، يرسله الله سبحانه وتعالى إلى عباده فيكذبه أكثرهم ويصدقه هو، وإطلاق الكلمة عليه من إطلاق السبب على المسبب.
قال الحرالي: فكان عيسى عليه الصلاة والسلام كلمة الله سبحانه وتعالى، ويحيى مصدقه بما هو منه كمال كلمته حتى أنهما في سماء واحدة، ففي قوله: {من الله} إشعار بإحاطته في ذات الكلمة- انتهى.
{وسيدًا وحصورًا} أي فلا يتزين بزينة لأنه بالغ الحبس لنفسه والتضييق لعيها في المنع من النكاح.
قال في القاموس: والحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك، أو الممنوع منهن، أو من لا يشتهيهن ولا يقربهن، والمجبوب- والهَيوب المحجم عن الشيء.
وقال الحرالي: وهو من الحصر وهو المنع عما شأن الشيء أن يكون مستعملًا فيه- انتهى {ونبيًا} ولما كان النبي لا يكون إلا صالحًا لم يعطف بل قال: {من الصالحين} إعلامًا بمزية رتبة الصلاح واحترازًا من المتنبيين، فكأنه قيل: فما قال حين أجابه ربه سبحانه وتعالى؟ فقيل: {قال} يستثبت بذلك ما يزيده طمأنينة ويقينًا وسكينة {رب} أي أيها المحسن إلي. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عادل:

قوله: {فَنَادَتْهُ الملائكة} قرأ الأخوان {فَنَادَاهُ المَلاَئِكَةُ}- من غير تأنيث- والباقون {فَنَادَتْهُ} بتاء التأنيث- باعتبار الجمع المُكَسَّر، فيجوز في الفعل المسند إليه التذكير باعتبار الجمع، والتأنيث باعتبار الجماعة، ولتأنيث لفظ {الملائكة} مع أن المذكور إذا تقدَّم فعلُهم- وهم جماعة- كان التأنيث فيه أحسن؛ كقوله تعالى: {قَالَتِ الأعراب} [الحجرات: 14]. ومثل هذا {إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة} [الأنفال: 50] تُقْرأ بالتاء والياء، وكذا قوله: {تَعْرُجُ الملائكة} [المعارج: 4].